تفسير القرطبي

ألا إنَّ رَبِّي أمرني أنْ أُعَلِّمَكُمْ ما جَهِلْتُمْ، ممَّا علَّمَني يوْمِي هذا، كُلُّ مالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حلالٌ، وإنِّي خَلَقْتُ عبادي حُنَفاءَ كُلَّهم، وإنَّهُم أتتْهُمُ الشياطينُ فاجْتَالَتْهُمْ عن دينِهِمْ، وحَرَّمَتْ عليهم ما أحْلَلْتُ لهمْ، وأمرتهُمْ أنْ يُشْركُوا بِي ما لَمْ أُنزِلْ بهِ سُلْطَانًا، وإِنَّ اللهَ نظر إلى أهْلِ الْأَرْضِ، فمقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وعَجَمَهُمْ، إِلَّا بقَايَا من أهْلِ الْكِتَابِ، وقال: إِنَّما بَعَثْتُكَ لأَبْتَلِيَكَ وأَبْتَلِيَ بكَ، وأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لا يَغْسِلُهُ المَاءُ، تَقْرَؤُهُ نائِمًا ويَقْظَانَ، وإِنَّ اللهَ أمرنِي أنْ أُحَرِّقَ قُرَيْشًا، فَقُلْتُ: ربِّ إِذًا يَثْلَغُوا رأسِي فيدَعُوهُ خُبْزَةً، قال: اسْتَخْرِجْهُمْ كما اسْتَخْرَجُوكَ، واغْزُهُمْ نُغْزِكَ ، وأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ، وابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثْ خَمْسَةً مِثْلَهُ، وقَاتِلْ بِمَنْ أطاعكَ مَنْ عصَاكَ، قال : وأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ، ورَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى ومُسْلِمٍ، وعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ، قال : وأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ: الضَّعِيفُ الذي لا زَبْرَ لَهُ، الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لا يَبْتَغُونَ أهْلًا ولَا مَالًا، والخائِنُ الذي لا يَخْفَى له طَمَعٌ، وإِنْ دَقَّ إلَّا خَانَهُ، ورجُلٌ لا يُصبحُ ولا يُمْسِي إِلَّا وهو يُخَادِعُكَ عن أهْلِكَ ومالِكَ وذَكَر الْبُخْلَ أو الكَذِبَ والشِّنْظِيرُ الفَحَّاشُ عن عياض بن حمار صححه ابلالباني في صحيح الجامع وخلاصة حكم المحدث : صحيح

*

 تفسير القرطبي

Translate

الخميس، 31 أكتوبر 2024

56.حقوق الزوج الولاية علي زوجته وطاعتها الشاملة له مالم يأم بمعصية.

 

2..حق الزوج على زوجته

قلت المدون ان عقد النكاح بين الزوج وزوجته حتم عليها ان 

== يكون اقرب وليٍ لها وبناء علي ولايته لها بقوة وسلطان العقد بينهما نشأت علاقة الولاية عليها التي تستوجب طاعته في كل شيئ الا المعاصي فقط وتستوي الطاعة له في كل الامر من اقل مطلوبه الي اكبر مطلوبه ومن الذرة الي المجرة ومن طلبه ان يشرب الي طلبه ان يحامعها وطبعا سيراعي الزوج أحوال زوجته ان كان هذا ليس في مقدورها فيعفو عنها او كان في مقدورها فعليه تنفيذه له

وهذا تصحيح لفتوي موقع من مواقع

 

 السلفيين وتعقيب المدون علي بعض 

 

الاخطاء فيه السؤال:

من ساجر رسالة بعث بها أحد الإخوة المستمعين يقول: المرسل (ق. ل. م) يقول: سماحة الشيخ! أرجو أن تتفضلوا ببيان حق الزوج على زوجته؛ ذلك لأن هناك الشكوى من كثير من الرجال من عصيان النساء، واستمساكهن برأيهن، جزاكم الله خيرًا.

 قلت المدون  اولا يجب التنبه للاتي

  1-انه قبل عقد الزواج كانت المرأة لا تعلم عن الرجل الذي سيصبح زوجة له شيئا

  2. وبعد عقد الزواج وبقوة العقد صار الرجل له الحقوق التالية فرضا وتكليفا 

1.أصبح بقوة العقد زوجا تحل له ويحل لها

2.أصبح وليا لأمرها وتسلم زمام ولايتها من أبيها الذي أصبح وليها البعيد بعد العقد فانتقلت بقوة العقد ولايتها القريبة من ابيها الي زوجها جبرا

3.وتداعي فرض النفقة والمسكن والمأوي والمطعم والملبس وكلف الزوج بهم جميعا كتبعة من تبعات عقد النكاح بينهما

4.في سورة النساء فرض الله {التقوي تكليفا فقال تعالي // يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٗا كَثِيرٗا وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا (1) وذلك بمقتضي عقد النكاح بينهما } 

==فكان ولابد أن تصير تداعيات عقد النكاح بينهما مفسرة لنصوص النبي صلي الله عليه وسلم في طاعتها لزوجها في كل شيئ معروف{والمعروف هو الحسن  ضد المنكر} ومنه معروف المضاجعة  ويخطأ من يُقْصِر طاعتها له علي الجماع فقط فطاعتها  له  فرضا جاءت من جوهر العقد والميثاق الذي نشأ بينهما لا من عرضه

ووجب التفريق بين جوهر العقد وبين   عرضه فالعقد احلها له في كل شيء جوهرا وعرضا ومن هذه الاشياء طاعته في العسر واليسر في كل شيئ ومنها الجماع

الجواب: الواجب على الزوجة طاعة زوجها في المعروف، وعدم عصيانه عموما لانه صار بعقد النكاح من أولي الأمر الذين فرض الله علي تابعينه الطاعة بقوله تعالي {{ وأطيعوا الله ورسولة وأولي الأمر منكم}} لانه صار وليا لها بمقتضي عقد النكاح بينهما ومن أولياء امورها عموما وبالاخص في المضاحعة وعليها طاعته وفي عدم خروجها من بيتها وكل شيئ يأمها بها ولها ان تناقشه بأدب جم وصةت خفيض في امراها ورؤيتها لما تطلبه لكن عليها ان تلتزم اخيرا بما يامر به في النهاية وبعد نقاشه له بالمعروف  == فحق عليها أن تسمع لزوجها وتطيعه

وقد جاء في هذا الباب أحاديث كثيرة تأمر بذلك، 

1. فمن ذلك قوله ﷺ في الحديث الصحيح: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت أن تجيء؛ لعنتها الملائكة حتى تصبح فالواجب عليها السمع والطاعة لزوجها في المعروف، لا في المعاصي.

وجاء الحديث باللفظ المطلق غير المقيد {  ما معنى الحديث: من صامت شهرها وصلت فرضها وأطاعت زوجها [مطلق غير مقيد وعام غير مخصص] وحصنت فرجها دخلت من أي باب من أبواب الجنة شاءت.. وخاصة المقصود بتحصين الفرج أليست متزوجة وسيلمسها زوجها، بصراحه لا أفهم ما المقصود؟ الإجابــة  الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:  فإن لفظ الحديث كما رواه الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت. ورواه ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، والحديث صححه الألباني في الجامع الصغير.  ومعناه أن المرأة المسلمة إذا حافظت على صيام رمضان، وأداء الصلوات الخمس المفروضات، وأطاعت زوجها قلت المدون في كل معروف لا منكر وفيما ليس فيه معصية، وحصنت فرجها من الحرام دخلت الجنة، أما ملامسة الزوج واستمتاعه بها فهذا ليس داخلاً في معنى حفظ الفرج لأن المقصود حفظه عن الحرام وليس عن الحلال، بل إنما يتعلق بالزوج يدخل في طاعته وهي واجبة في المعروف، قال المناوي في فيض القدير وهو يشرح هذا الحديث: (إذا صلت المرأة خمسها) المكتوبات الخمس (وصامت شهرها) رمضان غير أيام الحيض إن كان (وحفظت) وفي رواية أحصنت (فرجها) عن الجماع المحرم والسحاق (وأطاعت زوجها) في كل امر معروف يأمر به في غير معصية (دخلت) لم يقل تدخل إشارة إلى تحقق الدخول (الجنة) إن اجتنبت مع ذلك بقية الكبائر أو تابت توبة نصوحاً من ذنوبها أو عفي عنها انتهى.

وهكذا الزوج عليه أن يعاشرها بالمعروف، ويتقي الله، ولا يظلمها، لا في قوله، ولا في عمله، كما قال الله سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] 

 وقال سبحانه: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228] يعني: كما أن عليهن العشرة بالمعروف فلهن أيضًا العشرة بالمعروف، فهو عليه أن يعاشرها بالمعروف، بالكلام الطيب، والسيرة الحميدة، والنفقة المناسبة التي تجب على مثله، وعليها هي السمع والطاعة في المعروف وعليهما البعد عن المنكر، وأن تجيبه إلى حاجته عموما وخصوصا ، وأن تقوم بخدمته في بيته، وأن تحذر معصيته في خروج أو معصيته في امر معروف وليس منكر، وإذا قام كل واحد بما يجب عليه؛ استقامت الأحوال، واستمرت العشرة الطيبة، وإذا كان كل واحد يريد الحق لنفسه، ولا يؤدي ما عليه؛ فسدت الحال، وأدى ذلك إلى الطلاق.

ولأن الله يقول -جل وعلا-: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ[النساء:19]

الأربعاء، 30 أكتوبر 2024

حق الزوج علي زوجته

 

السؤال

أريد السؤال عن صحة هذه الروايات : ( لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، لعظم حقه عليها ...( لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ، ثم استقبلته فلحسته ، ما أدَّت حقه ) ( أتى رجل بابنته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن ابنتي هذه أبت أن تتزوج ، فقال لها صلى الله عليه وسلم : أطيعي أباك ، فقالت : والذي بعثك بالحق لا أتزوج حتى تخبرني ما حق الزوج على زوجته ؟ قال حق الزوج على زوجته لو كانت به قرحة فلحستها أو انتثر منخراه صديدا ودما ثم ابتلعته ما أدت حقه ، قالت : والذي بعثك بالحق لا أتزوج أبدا ، فقال صلى الله عليه وسلم : لا تنكحوهن إلا بإذنهن) وهل لفظة : (لو كانت به قرحة فلحستها أو انتثر منخراه صديدا ودما ثم ابتلعته ما أدت حقه) على ظاهرها ، وأنها تدل على جواز لحس القيح وبلعه ، أم أنه كناية عن عظم قدر الزوج ، وهل في هذا الحديث تعارض مع القول بنجاسة القيح والصديد ؟ وجزاكم الله خيرا .

الجواب**الحمد لله.**أولا :

الوارد في السؤال حديثان اثنان :

الحديث الأول :**عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ :

( كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ الْأَنْصَارِ لَهُمْ جَمَلٌ يَسْنُونَ عَلَيْهِ – أي : يستقون عليه -، وَإِنَّ الْجَمَلَ استَصْْعَبَ عَلَيْهِمْ فَمَنَعَهُمْ ظَهْرَهُ ، وَإِنَّ الْأَنْصَارَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : إِنَّهُ كَانَ لَنَا جَمَلٌ نُسْنِي عَلَيْهِ ، وَإِنَّهُ استَصْْعَبَ عَلَيْنَا ، وَمَنَعَنَا ظَهْرَهُ ، وَقَدْ عَطِشَ الزَّرْعُ وَالنَّخْلُ .

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ : قُومُوا . فَقَامُوا ، فَدَخَلَ الْحَائِطَ وَالْجَمَلُ فِي نَاحِيَةٍ ، فَمَشَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ، فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّهُ قَدْ صَارَ مِثْلَ الْكَلْبِ الْكَلِبِ ، وَإِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ صَوْلَتَهُ . فَقَالَ : لَيْسَ عَلَيَّ مِنْهُ بَأْسٌ . فَلَمَّا نَظَرَ الْجَمَلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ نَحْوَهُ حَتَّى خَرَّ سَاجِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَاصِيَتِهِ أَذَلَّ مَا كَانَتْ قَطُّ ، حَتَّى أَدْخَلَهُ فِي الْعَمَلِ . فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! هَذِهِ بَهِيمَةٌ لَا تَعْقِلُ تَسْجُدُ لَكَ ، وَنَحْنُ نَعْقِلُ ، فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَكَ .

فَقَالَ : لَا يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ ، وَلَوْ صَلَحَ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَ مِنْ قَدَمِهِ إِلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ قُرْحَةً تَنْبَجِسُ – أي : تتفجر - بِالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْهُ فَلَحَسَتْهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ)

رواه الإمام أحمد في " المسند " (20/65)، ومن طريقه الضياء في " المختارة " (5/265)، ورواه ابن أبي الدنيا في " العيال " (رقم/527)، والنسائي في " السنن الكبرى " (5/363)، والبزار في " المسند " (رقم/8634)، وأبو نعيم الأصبهاني في " دلائل النبوة " (رقم/277)،

جميعهم من طريق خلف بن خليفة ، عن حفص ابن أخي أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن عمه أنس بن مالك به .

قلنا : وأما حفص بن أخي أنس بن مالك فقال فيه أبو حاتم : صالح الحديث . وقال الدارقطني : ثقة . انظر : " تهذيب التهذيب " (2/362)

وأما خلف بن خليفة بن صاعد الكوفي (ت 181هـ)، وولد سنة (91هـ، أو 92هـ)

قال فيه ابن معين والنسائي : ليس به بأس . وقال أبو حاتم : صدوق . وقال أبو أحمد بن عدى : أرجو أنه لا بأس به ، ولا أبرئه من أن يخطئ في بعض الأحايين في بعض رواياته .

ولكنه مع ذلك وصف بالاختلاط في آخر عمره :

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه : رأيت خلف بن خليفة وهو كبير ، فوضعه إنسان من يده ، فلما وضعه صاح ، يعنى من الكبر ، فقال له إنسان : يا أبا أحمد ، حدثكم محارب بن دثار ، وقص الحديث . فتكلم بكلام خفي ، وجعلت لا أفهم ، فتركته ، ولم أكتب عنه شيئا .

وقال ابن شاهين : قال عثمان بن أبى شيبة : صدوق ثقة ، لكنه خرف فاضطرب عليه حديثه

وقال ابن سعد : أصابه الفالج قبل موته حتى ضعف وتغير واختلط .

وحكى القراب اختلاطه عن إبراهيم بن أبي العباس . وكذا حكاه مسلمة الأندلسي ، ووثقه ، وقال : من سمع منه قبل التغير فروايته صحيحة .

ولأجل ذلك قال محققو مسند الإمام أحمد بن حنبل

" صحيح لغيره ، دون قوله : ( والذي نفسي بيده لو كان من قدمه...الخ) ، وهذا الحرف تفرد به حسين المروذي عن خلف بن خليفة ، وخلف كان قد اختلط قبل موته " انتهى. مسند أحمد " طبعة مؤسسة الرسالة (20/65) .

           والحديث الثاني :                       

جاء عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ

( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم بِابْنَةٍ لَهُ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! هَذِهِ ابْنَتِى قَدْ أَبَتْ أَنْ تَزَوَّجَ . فَقَالَ لَهَا النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم : أَطِيعِى أَبَاكِ . فَقَالَتْ : وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ أَتَزَوَّجُ حَتَّى تُخْبِرَنِى مَا حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ .

قَالَ : حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنْ لَوْ كَانَتْ لَهُ قُرْحَةٌ فَلَحِسَتْهَا مَا أَدَّتْ حَقَّهُ )

زاد بعض الرواة : ( أَوِ انْتَثَرَ مَنْخِرَاهُ صَدِيدًا أَوْ دَمًا ، ثُمَّ ابْتَلَعَتْهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ ، فَقَالَتْ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، لا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا تُنْكِحُوهُنَّ إِلا بِإِذْنِهِنَّ )

رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (3/556)، والنسائي في "السنن الكبرى" (3/283)، والبزار – كما في " كشف الأستار " (رقم/1465) - وابن حبان في " صحيحه " (9/473)، والحاكم في " المستدرك " (2/205)، وعنه البيهقي في " السنن الكبرى " (7/291)

جميعهم من طريق : جعفر بن عون ، قال حدثني ربيعة بن عثمان ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن نهار العبدي ، عن أبي سعيد به .

وإسناد الحديث لا يحتمل مثل هذا المتن ، مع ما فيه من النكارة .

جعفر بن عون : قال فيه أحمد : ليس به بأس ، وقال أبو حاتم : صدوق .

أما وربيعة بن عثمان : وثقه يحيى بن معين والنسائي ، لكن فيه أبو حاتم : منكر الحديث يكتب حديثه .

وأما نهار العبدي : فقال فيه النسائي حين أخرج حديثه ههنا : مدني لا بأس به .

ولذلك لما قال الحاكم رحمه الله :

" هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه " انتهى.

تعقبه الذهبي في "تلخيصه" فقال ِ:

" بل منكر ، قال أبو حاتم : ربيعة منكر الحديث " انتهى .

وقال الشيخ قال الشيخ عبدالله الجديع في كتابه "تحرير علوم الحديث" (2/757) , عند حديثه عن علامات كشف العلة عند المتقدمين:

"أن يدل على نكارة الحديث ما يجده الناقد من نفرة منه ، ينزه عن مثلها الوحي وألفاظ النبوة.

والمقصود أن يقع ذلك الشعور لمن عايش المفردات والمعاني النبوية ، حتى أصبح وهو يحرك لسانه بالألفاظ النبوية ، وكأنه يتذوق منها ريق النبي صلى الله عليه وسلم ، فهذا قد يرد عليه من الرواية ما يجد له مرارة ، أو بعض مرارة ، فيرد على قلبه الحرج في نسبة مثل ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيكون ذلك الشعور علامة على علة في الرواية ، توجب عليه بحثاً عن محل الغلط منها حتى يقف عليه .

وليس المقصود أن ينصب الناقد هواه ومزاجه مجرداً لقبول الحديث أو رده ، فإن الرأي يخطئ مهما اعتدل وراقب صاحبه ربه ، والهوى لا تعصم منه نفس .

ومما وجدته يصلح لهذا مثالاً ، حديث بقي في القلب منه غصة زماناً ، حتى اطمأنت النفس لعلته ، وهو حديث أبي سعيد الخدري ... "

فذكر الحديث السابق ، ثم قال :

" فهذا الحديث فيما ذكر فيه من وصف حق الزوج على الزوجة بهذه الألفاظ المنفرة المستنكرة ، ليس في شيء من المعهود في سنة أعف خلق الله صلى الله عليه وسلم ، والذي أوتي الحكمة وفصل الخطاب وجوامع الكلم ، وقد فصل الله في كتابه ونبيه ذو الخلق العظيم صلى الله عليه وسلم في سنته الحقوق بين الزوجين بأجمع العبارات وأحسن الكلمات ، كلها من باب قول ربنا عز وجل : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) البقرة/228 .

وأما علة الحديث فما هي مجرد النفرة من صيغة تلك العبارات ، وإنما روى هذا الحديث جعفر بن عون ، قال : حدثني ربيعة بن عثمان ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن نهار العبدي ، عن أبي سعيد ، به. قال البزار : " لا نعلمه يروى إلا بهذا الإسناد ، ولا رواه عن ربيعة إلا جعفر " .

وقال الحاكم : " حديث صحيح الإسناد " ، فتعقبه الذهبي بجرح ربيعة .

وكنت اغتررت مدة بكون ربيعة هذا قد أخرج له مسلم في " الصحيح " حديثه : " المؤمن القوي " ، من روايته عن محمد بن يحيى بن حبان ، محتجاً به ، فأجريت أمره على القبول في هذا الحديث .

والتحقيق أن تخريج مسلم له لا يصلح الاحتجاج به بإطلاق ، فمسلم قد ينتقي من حديث من تكلم فيه ، وكان الأصل فيه الثقة ، فيخرج من حديثه ما تبين له كونه محفوظاً .

أما هذا الحديث ، فالشأن كما ذكر البزار من تفرد جعفر به عن ربيعة ، وهو إسناد فرد مطلق. وربيعة هذا قال يحيى بن معين ومحمد بن سعد : " ثقة " ، وقال النسائي : " ليس به بأس " ، لكن قال أبو زرعة الرازي : " إلى الصدق ما هو ، وليس بذاك القوي " ، وقال أبو حاتم الرازي : " منكر الحديث ، يكتب حديثه " .

قلت : والجرح إذا بان وجهه وظهر قدحه فهو مقدم على التعديل ، كما شرحته في محله من هذا الكتاب ، فالرجل أحسن أحواله أن يكون حسن الحديث ، بعد أن يزول عما يرويه التفرد ، فيروي ما يروي غيره ، أو يوجد لحديثه أصل من غير طريقه بما يوافقه .

وليس كذلك في هذا الحديث. اهـ

والحاصل :

أن الجملة المذكورة ، والتي محل استشكال السائل في الروايتين : في ثبوتها نظر ، والأقرب أنها ضعيفة لا تثبت .

وأما تعظيم حق الزوج على زوجته ، وما فيه من أنه يبلغ بها أن تسجد له ، لو كان يصح لبشر أن يسجد لبشر ؛ فقد ثبت ذلك في الحديث الذي يرويه جماعة من أصحاب السنن عن جماعة من الصحابة ، منهم : أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا )

رواه الترمذي (1159) وقال : وَفِي الْبَاب عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَسُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ وَعَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَطَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَأَنَسٍ وَابْنِ عُمَرَ قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ .

وقال الهيثمي رحمه الله : " إسناده حسن " انتهى. " مجمع الزوائد " (9/10)، وصححه الألباني في " إرواء الغليل " (7/54)

وانظر جواب السؤال رقم : (10680)

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب

موضوعات ذات صلة

حقوق الزوجة على زوجها وحقوق الزوج على زوجته

ح ن

أ لا إنَّ رَبِّي أمرني أنْ أُعَلِّمَكُمْ ما جَهِلْتُمْ، ممَّا علَّمَني يوْمِي هذا، كُلُّ مالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حلالٌ، وإنِّي خَلَقْتُ ...